فقال الشيخ أبو حامد: تأويلها على قول أبي إسحاق: إن صاحب المسألة إذا أخبر الحاكم بالجرح.. لا يعتمد على قوله، ولكن يستدعى الذي جرح من الجيران فيسأله عن ذلك، ولا يقبل منه الجرح إلا أن يصف معاينة فيقول: رأيته يزني أو يشرب، أو: إلى السماع، فيقول: أقر عندي بذلك.
وأما على قول أبي سعيد: فإنه يعتمد على قول أصحاب المسائل في الجرح، فإذا شهد صاحب المسألة أنه زنى أو سرق أو غير ذلك.. لم يسأله الحاكم أنه شاهد ذلك منه أو سمعه، ولكن لا يجوز لصاحب المسألة أن يشهد بذلك إلا إذا شاهده يفعل ذلك، أو سمع ذلك مستفيضا في الناس أنه زان فاسق، فيجوز له أن يجرحه بذلك.
وقال ابن الصباغ: ليس للحاكم أن يسأل الشاهد إذا شهد بالجرح من أين شهد بذلك بل يسمع منه الشهادة لا غير، كما يسمع شهادته في سائر الأشياء. وقول الشافعي عائد إلى صاحب المسألة؛ فإنه لا يصير عالما إلا بمشاهدة منه لذلك أو بسماع متواتر، فإن لم يكن متواترا ولكن شاع في الناس.. فيجوز له أن يؤدي الشهادة مطلقا، كما يشهد بالموت والنسب. فأما إن كان بخبر الواحد والعشرة.. فلا يصير عالما بذلك لكنه يشهد عند الحاكم بما يسمع ويكون شاهد فرع والذي يسمع منه شاهد أصل، ولا يثبت شاهد الأصل إلا باثنين.
وذكر الشيخ أبو إسحاق: أنه يجوز أن يكون الذي يخبر أصحاب المسائل من الجيران واحدا إذا وقع في نفوسهم صدقه، ويجب أن يشهد أصحاب المسائل عند الحاكم على شروط الشهادة.