شهداء على القاذف، ولم يفرق بين أن يعلمه الحاكم أو لا يعلمه. «ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للحضرمي:" شاهداك أو يمينه، ليس لك إلا ذلك» ، فاقتضى أنه لا يجوز الحكم بغير ذلك. وروي: أن رجلا ادعى على رجل عند عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حقا، فقال عمر:(من يشهد لك؟) فقال: أنت، فقال عمر:(إن شئت شهدت لك ولم أحكم، وإن شئت حكمت لك ولم أشهد) . ولأنه لو كان علم الحاكم بمنزلة الشاهدين.. لانعقد النكاح به وحده.
والثاني: يجوز له أن يحكم بعلمه. وبه قال أبو يوسف، واختاره المزني، وهو الأصح؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}[ص: ٢٦][ص: ٢٦] ، وقَوْله تَعَالَى:{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}[المائدة: ٤٢][المائدة: ٤٢] ، والحق هو ضد الباطل، ولم يفرق بين أن يحكم القاضي بالبينة أو بعلمه. وروي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول في حق إذا رآه أو سمعه» . وروي: «أن هندا قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه سرا، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» ، فقضى لها رسول الله بأن تأخذ نفقتها من ماله؛ لكونها زوجته بعلمه، ولم يقم على ذلك بينة. ولأنه إذا جاز أن يقضي بالشاهدين وأنه إنما يعلم صحة ما شهد به من طريق