وإن وطئ إحداهن.. لم يكن ذلك تعيينا للطلاق في غير الموطوءة؛ لأن الطلاق لا يقع بالفعل، فكذلك البيان لا يقع بالفعل. ويؤخذ بالبيان، فإن عين الطلاق في غير الموطوءة.. علمنا أنه إنما وطئ زوجته، وإن عين الطلاق في الموطوءة.. وجب عليه لها مهر المثل للوطء بعد الطلاق؛ لأنه وطء شبهة.
وأما إذا طلق واحدة من نسائه لا بعينها، بأن قال: إحداكن طالق، ولم يعين بقلبه واحدة بعينها منهن.. وقع الطلاق على واحدة منهن لا بعينها؛ لأن الطلاق يقع مع الجهالة.
وقال مالك:(يقع على جميعهن) .
دليلنا: أنه أضاف الطلاق إلى واحدة.. فلم يقع على الجماعة، كما لو عينها.
إذا ثبت هذا: فإنه يوقف عن وطئهن حتى يعين المطلقة منهن؛ لأنا نتحقق التحريم في واحدة منهن لا بعينها فوقف عن وطئهن، كما لو طلق واحدة بعينها ونسيها. ويؤخذ بتعيين المطلقة منهن؛ لتتميز المطلقة من غير المطلقة. وله أن يعين الطلاق فيمن اشتهى منه؛ لأنه أوقع الطلاق على واحدة لا بعينها.. فكان له التعيين فيمن اختار، بخلاف الأولى؛ فإنه أوقع الطلاق على واحدة بعينها وإنما أشكلت، فلذلك قلنا: لا يعينه فيمن اشتهى منهن.
إذا ثبت هذا: فإن قال: طلقت هذه.. تعين فيها الطلاق.
وإن قال: هذه التي لم أطلقها، وكانتا اثنتين.. طلقت الأخرى؛ لأن هذا يتضمن الإقرار بطلاق الأخرى.
وإن قال: طلقت هذه، لا بل هذه.. طلقت الأولى دون الثانية؛ لأن الأولى إذا تعينت للطلاق.. لم يبق ما يقع على الثانية، بخلاف المسألة الأولى؛ فإن ذلك إخبار منه فيمن طلقها بعينها. فإذا أخبر بطلاق واحدة ثم رجع عنها إلى الثانية.. لزمه حكم إقراره في الثانية، ولم يقبل رجوعه عن الأولى.