فأشار عليه بالمسكنة، فاختارها، فلما اختارها وهي أعلى المنزلتين.. أمره الله تعالى أن يخير زوجاته، فربما كان فيهن من تكره المقام معه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الشدة، تنزيها له.
وقيل: إن السبب الذي وجب التخيير لأجله: أن امرأة من زوجاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سألته أن يصوغ لها حلقة من ذهب، فصاغ لها حلقة من فضة، وطلاها بالذهب- وقيل: بالزعفران- فأبت إلا أن تكون من ذهب، فنزلت آية التخيير، وهي قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}[الأحزاب: ٢٨] الآية [الأحزاب: ٢٨] .
وقيل: إنما أمر بتخييرهن امتحانا لقلوبهن، وابتلاء لهن، وإلا.. فلا يختار له إلا الصالحات من النساء، ولكن يعلم بذلك أحكام، فبدأ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعائشة، وقال: «إني مخيرك، ولا عليك أن لا تحدثي أمرا حتى تستأمري أبويك "، ثم قال: " إن الله أنزل علي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}[الأحزاب: ٢٨][الأحزاب: ٢٨] ، قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أفيك أشاور أبوي؟! إني اخترت الله ورسوله. قالت عائشة: لا تخبر بما صنعت أحداً من أزواجك، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إنما بعثت ميسراً، ولم أبعث معسراً"، ثم دخل على باقي أزواجه، فخيرهن، فكن يقلن: ما قالت عائشة، فيقول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اختارت الله ورسوله" فيقلن: اخترن الله ورسوله» .
وقيل: إن واحدة منهن اختارت الفراق.
وإنما أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أن تشاور أبويها، لأنه كان يحبها، وكان يخاف أن يحملها فرط الشباب على أن تختار فراقه، ويعلم من أبويها أنهما لا يشيران عليها بفراقه.