القاذورات شيئا.. فليستتر بستر الله؛ فإن من أبدى لنا صفحته.. أقمنا عليه حد الله» ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هلا سترته بثوبك يا هزال؟» . فإن لم يستر ذلك، بل أظهره على نفسه.. لم يكن محرما؛ لأن ماعزا والغامدية أقرا عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالزنا ولم ينكر عليهما. فإذا ظهر ذلك عليه.. احتاج أن يطهر نفسه ويحضر إلى الإمام ويعترف به حتى يستوفي منه الحد؛ لأنه لا معنى لستره مع ظهوره عليه. وأما التوبة الظاهرة التي يتعلق بها قبول الشهادة وعود الولاية.. قال الشيخ أبو حامد: فلا تخلو المعصية إما أن تكون قولا أو فعلا: فإن كانت فعلا، كالزنا واللواط وشرب الخمر والغصب.. فالتوبة من ذلك بالفعل؛ لأن فسقه لما كان بالفعل.. كانت التوبة منه بالفعل، فتمضي عليه مدة يصلح فيها عمله فيأتي بضد تلك المعصية من العمل الصالح، وقدر أصحابنا هذه المدة بسنة، ومن الناس من قدرها بستة اشهر وما ذكرناه أولى؛ لأن السنة قد تعلق بها أحكام في الشرع: وهي الزكاة، والدية، والجزية، ومدة العنة. وإن كانت المعصية قولا.. نظرت: فإن كانت كفرا.. فالتوبة منها أن يأتي بالشهادتين، فإذا فعل ذلك.. حكم بتوبته، وعاد إلى حالة عدالته؛ لأنه إنما حكم بفسقه بالقول، فإذا أتى بما يضاد ذلك.. فقد أتى بالتوبة. وإن كانت المعصية قذفا صريحا.. قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (فالتوبة منه إكذابه لنفسه) ، واختلف أصحابنا فيما يحصل به تكذيب نفسه: فقال أبو سعيد الإصطخري: يحتاج أن يقول كذبت فيما قلت، ولا أعود إلى مثله، وبه قال أحمد بن حنبل؛ لما روى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«توبة القاذف إكذابه نفسه» ولأنه قد تقدم منه القذف، فيحتاج أن يرجع عنه بأن يكذب نفسه فيه. وقال أبو إسحاق وأبو علي ابن أبي هريرة: يقول: القذف محرم ولا أعود إليه؛ لأنه قد تقدم منه القذف، فإذا قال: هو محرم.. كان مضادا له. ولا يقول: كذبت فيما قلت؛ لأنه قد يكون صادقا، فلا يؤمر بالكذب. والخبر محمول على الإقرار بالبطلان؛ فإنه نوع إكذاب أيضا.