فإن لم يجب بها حق لآدمي ولا لله تعالى؛ بأن قبل امرأة أجنبية أو مسها بشهوة وما أشبه ذلك.. فالتوبة من ذلك أن يندم على ما فعل، ويعزم على أن لا يعود إلى مثل ذلك في المستقبل، فإذا أتى بذلك.. فقد أتى بما يجب عليه، ثم القبول إلى الله تعالى.
والدليل عليه: قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}[آل عمران: ١٣٥] الآية [آل عمران: ١٣٥] فجعل التوبة من ذلك الاستغفار وأن لا يصروا على ما فعلوا.
وإن وجب بها حق.. فلا يخلو: إما أن يكون لآدمي أو لله تعالى.
فإن كان لآدمي: فالتوبة من ذلك: أن يندم على ما فعل، ويعزم على أن لا يعود إلى مثل ذلك في المستقبل، ويؤدي حق الآدمي، فإن كان مالا باقيا.. رده، وإن كان تالفا.. وجب عليه ضمانه، وإن لم يقدر عليه سأل صاحبه أن يبرئه منه، فإن لم يبرئه منه أو وجد المال ولم يقدر على صاحبه.. نوى أنه إذا لقيه.. وفاه إياه. وإن كان الحق على البدن؛ كحد القذف والقصاص.. اشترط مع الندم والعزم على أن لا يعود إلى مثله أن يمكن صاحب الحق من استيفاء الحق منه ويعرض ذلك عليه؛ لما روى النخعي:(أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رأى رجلا يصلي مع النساء، فضربه بالدرة، فقال له الرجل: والله إن كنت أحسنت.. فقد ظلمتني، وإن كنت أسأت.. فما علمتني، فقال له عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اقتص، قال: لا أقتص، قال: فاعف، قال: لا، فافترقا على ذلك، ثم لقيه عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من الغد، فتغير لون عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين، أرى ما كان مني قد أسرع فيك؟ قال: أجل، قال: فاشهد أني قد عفوت عنك) .
فإن لم يقدر على صاحب الحق.. نوى أنه إذا قدر عليه.. سلمه نفسه لحقه.
فإن وجب بالمعصية حق لله تعالى؛ كحد الزنا واللواط والشرب والسرقة، فإن لم يظهر ذلك.. فالأولى أن يسره في نفسه ولا يظهره؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أتى من هذه