والذكر - هاهنا - هو الخطبة؛ ولأنه ذكر هو شرط في الصلاة، فكان من شرطه حضور الجماعة، كتكبيرة الإحرام.
إذا ثبت هذا: فإنما يشترط حضور العدد عند ذكر الواجبات من الخطبة على ما يأتي ذكره، دون ما سواها، فإن انفضوا عنه بعد فراغه من الواجبات، فإن عادوا قبل أن يتطاول الفصل ... بنى الإمام على الخطبة، وأحرم بهم بالجمعة، وإن رجعوا بعد أن تطاول الفصل - وحده: ما يعرفه الناس تطاولًا - قال الشافعي:(أحببت أن يعيد الخطبة، ثم يصلي بهم الجمعة، فإن لم يفعل
صلى بهم الظهر) .
واختلف أصحابنا في هذا:
فقال أبو العباس: تجب عليهم إعادة الخطبة والجمعة؛ لأن الوقت متسع لهما، وهم من أهل فرضها.
وقوله:(أحببت) لا يعرف للشافعي، وإنما هو:(أوجبت) ، فصحفه الناقل.
وأما قوله:(صلى بهم الظهر) أراد: إذا ضاق الوقت عن الخطبة والجمعة.
وقال أبو إسحاق: يستحب إعادة الخطبة، ولا تبطل بطول الفصل؛ لأنه لا يؤمن أن ينفضوا عنه مرة أخرى، وأما الصلاة: فتجب عليهم الجمعة؛ لأنه ممكن من فعلها، فإن صلى بهم الظهر ... أساؤوا بذلك، وأجزأهم قولًا واحدًا، بخلاف من صلى الظهر في بيته، وهو من أهل الجمعة، فإن الإعادة تجب عليه في قوله الجديد؛ لأن الجمعة قد أقيمت بعد صلاته، وهاهنا لم تقم.