فإن لم يعلم أنها اليسار.. فلا قود عليه؛ للشبهة، وهل تجب عليه الدية؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يجب عليه الدية؛ لأنه قطعها ببذل صاحبها، فهو كما لو قال: اقطع يدي، فقطعها.
والثاني: تجب عليه الدية، وهو الأصح؛ لأن الجاني بذل يساره لتكون عوضاً عن اليمين، فإذا لم تقع عنها.. وجب له قيمتها، كما لو باع سلعة بيعاً فاسداً، وسلمها إلى المشتري، وتلفت.
وإن كان المقتص عالماً بأنها اليسار.. فهل يجب عليه القود في يساره؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو حفص بن الوكيل: يجب عليه القصاص؛ لأنه قطع يداً غير مستحقة له مع العلم بتحريمها.
و [الثاني] : قال أكثر أصحابنا: لا يجب عليه القصاص، وهو الأصح؛ لأنه قطعها ببذل صاحبها، ويجب عليه ديتها؛ لأن صاحبها بذلها لتكون عوضاً عن اليمين، فإذا لم تقع.. وجب له قيمتها، كما لو باع سلعة بيعاً فاسداً، وقبضها المشتري، وتلفت عنده.
إذا ثبت هذا: فإن القصاص باق للمقتص في يمين الجاني؛ لأنه لم يسقط حقه عنها.
وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (ولا يقتص منه في اليمين حتى تندمل يساره) . وقال فيمن قطع يدي رجل أو رجليه دفعة واحدة:(إنه يقطع يديه أو رجليه دفعة واحدة) .
فمن أصحابنا الخراسانيين من جعل المسألتين على قولين، ومنهم من حملهما على ظاهرهما، ولم يذكر أصحابنا البغداديون غيره.