الذمة ببذل الجزية- إن كان من أهل الجزية- وإمَّا أن تلحق بدار الحرب.
وأمَّا ماله: فيحفظ له، فإن مات أو قتل في دار الحرب.. انتقل إلى ورثته الحربيين، ولا ينتقل إلى ورثته من أهل الذمة. وهل يبطل حكم الأمان في ماله؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يبطل الأمان - وبه قال أحمد، وهو اختيار المزني - لأن من ورث مالا.. ورثه بحقوقه، والأمان من حقوقه، فورث. وإن لم يكن له وارث.. كان فيئا.
والثاني: يبطل الأمان في ماله - وبه قال أبُو حَنِيفَة، وهو اختيار أبي إسحاق المَروَزِيّ - لأنه لما مات.. انتقل إلى وارثه وهو كافر لم يكن بيننا وبينه أمان، فلم يكن له أمان، كسائر أمواله. فإذا قلنا بهذا: فنقل المزني أنه يكون مغنوما.
قال أصحابنا: وليس هذا على ظاهره؛ لأن الغنيمة ما أخذ بالقهر والغلبة، وهذا أخذ بغير قهر ولا غلبة، فيكون فيئا. وقال أبُو علي ابن خيران: ليست على قولين، وإنما هي على اختلاف حالين:
فحيث قال:(يغنم) أراد: إذا عقد الأمان لنفسه ولم يشترطه لوارثه بعده.
وحيث قال:(لا يغنم) أراد: إذا شرط الأمان لنفسه ولوارثه بعده. والطريق الأول أصح.
وإن مات أو قتل في دار الحرب، وله أولاد صغار في دار الإسلام.. فهل يبطل الأمان فيهم؟ على الطريقين في ماله.
وكذلك الحكم في الذمي إذا نقض الذمة ولحق بدار الحرب وترك ماله وأولاده الصغار في دار الإسلام.. فهو كالحربي على ما مَضَى.