نظره على فرج امرأة ورجل وهما يزنيان، أو على فرج امرأة في حال الولادة، أو على ثديها وهي ترضع، أو على عيب في بدنها تحت ثيابها من غير أن يقصد النظر إلى ذلك.. جاز له أن يشهد بما شاهد من ذلك. وإن أراد أن يقصد إلى النظر في ذلك إلى العورة ليتحمل الشهادة على ذلك.. فهل يجوز له ذلك؟ فيه أربعة أوجه:
[الأول] : قال أبو إسحاق: يجوز له أن يتعمد النظر في جميع ذلك ليتحمل الشهادة، وهو المنصوص؛ لما روي: أن أبا بكرة ونافعا وشبل بن معبد تعمدوا النظر إلى فرج المغيرة والمرأة وشهدوا بذلك عند عمر، ولم ينكر عليهم عمر ولا غيره من الصحابة ذلك، فدل على أنه إجماع.
[الوجه الثاني] : قال أبو سعيد الإصطخري: لا يجوز له أن يتعمد النظر إلى العورة في جميع ذلك؛ لأن الزنى مندوب إلى ستره، والولادة والرضاع والعيوب تحت الثياب تقبل فيها شهادة النساء متفرقات، فلا حاجة به إلى تحمل الشهادة في ذلك.
[الوجه الثالث] : من أصحابنا من قال: يجوز له النظر إلى فرج الزاني ليتحمل الشهادة عليه، ولا يجوز له التعمد إلى النظر إلى الفرج عند الولادة ولا إلى الثدي عند الرضاع ولا إلى ما تحت الثياب من العيوب؛ لأن الزنى لا يثبت بشهادة النساء فكان بالرجال حاجة إلى النظر إلى ذلك ليشهدوا، وفي غير الزنى يجوز فيه شهادة النساء متفرقات فلا حاجة للرجال إلى النظر فيها. ولأن الزاني هتك حرمة الله تعالى فجاز أن يتعمد النظر إلى فرجه لتهتك حرمته، وغير الزاني لم يهتك حرمة الله، فلم يجز التعمد إلى النظر إلى عورته.
[الوجه الرابع] : من أصحابنا من قال: لا يجوز أن بتعمد النظر إلى فرج الزاني، ويجوز التعمد للنظر إلى عورة غيره؛ لأن الحق في الزنا لله، وحقوق الله مبنية على المسامحة ومندوب إلى سترها، والحق في تلك الأشياء للآدميين، وهي مبنية على التأكيد ولا تقبل المسامحة.