وهو الصحيح؛ لأن له عذرا في ترك أخذ الجميع، وهو أن لا يأخذ ما يؤخذ منه، فلم تسقط بذلك شفعته، كما لو أظهر له المشتري أن الثمن كثير، فترك الأخذ، ثم بان له أن الثمن دونه.. فإن شفعته لا تبطل؛ لأنه أخر الأخذ لعذر.
فعلى هذا: إذا قدم الشفيعان الآخران، وطالبا بالشفعة.. قسم الشقص بينهما أثلاثا، فإن عفوا عن الشفعة.. فهل للأول أن يأخذ نصيبيهما؟
قال أبو إسحاق: ينظر في الأول، فإن قال: أنا مطالب بالشفعة في الكل، ولكن إنما آخذ حصتي، وأتوقف في حصة شريكي؛ لأنظر ما يكون منهما.. فله أخذ نصيبيهما؛ لأنه لم يعف عن الشفعة. وإن قال: لا أطالب إلا بحصتي، وقد عفوت عما زاد عن ذلك.. بطلت شفعته في نصيب شريكيه، وهو ثلثا الشقص، وله أخذ ثلث الشقص لا غير.
فإن أخذ الشفيع الأول جميع الشقص من المشتري، ثم قدم الشفيع الثاني.. فقد قلنا: إنه إذا اختار الشفعة.. أخذ نصف الشقص من الأول، وإن لم يختر ذلك، ولكن قال: لا آخذ إلا ثلث الشقص.. فذكر الشيخ أبو حامد: أن أبا العباس قال: له ذلك إذا رضي الشفيع الأول؛ لأنه يترك بعض حقه، ولا يشبه هذا الشفيع الأول؛ لأن في أخذه لبعض الشقص تبعيضا للصفقة على المشتري. وأما ابن الصباغ: فلم يحك عنه رضا الشفيع الأول. قال: وفي ذلك نظر؛ لأنه يريد أن يأخذ بعض ما يخصه، وليس له ذلك.
إذا ثبت هذا: فإن أخذ الثاني ثلث الشقص من الأول، وهو سهمان من ستة أسهم، ثم قدم الشفيع الثالث.. فإنه يأخذ من الشفيع الثاني ثلث ما أخذ من الأول، وهو ثلثا سهم من ستة من الشقص؛ لأنه يستحق ثلث ما أخذه من الشقص، فلا يسقط حقه منه بما تركه في يد الأول، ثم يضم ما أخذه الثالث من الثاني