ومعصية تجب بها النار أولى أن تطيب النفس بقبولها ممن يخفف المآثم في ذلك) . فنص بهذا على قبول شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية.
وقال في " الأم ": (ذهب الناس في تأويل القرآن والأحاديث والقياس أو من ذهب منهم إلى أمور اختلفوا فيها، فتباينوا فيها تباينا شديدا، واستحل فيها بعضهم من بعض ما تطول حكايته، فكان ذلك منهم متقادما عن السلف ومن بعدهم إلى اليوم، فلم يعلم أن أحدا ممن سلف من هذه الأمة يقتدى به، ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحد بتأويل وإن خطأه وضلله ورآه استحل منه ما حرم عليه، ولا ترد شهادة أحد بشيء من التأويل كان له وجه يحتمله وإن بلغ فيه استحلال الدم والمال أو المفرط من القول، فكذلك أهل الأهواء) .
وجملة ذلك: أنه لا خلاف بين أصحابنا في أن شهادة الخطابية غير مقبولة؛ وهم: أصحاب أبي الخطاب الكوفي، يعتقدون أن الكذب لا يجوز، فإذا ذكر بعضهم لبعض أن له على رجل حقا.. حلفه وصدقه على ذلك، وشهد له بالحق الذي حلفه عليه؛ لأنهم يشهدون بقول المدعي. قال المسعودي [في " الإبانة "] : إلا أن يفسر الشهادة فيقول: أشهد أن فلانا أقر لفلان بكذا.. فحينئذ يقبل.
والأول أصح؛ لأنه يجوز أن يشهد بالحق مفسرا معتمدا في تفسيره على يمين المدعي الذي حلف له.
قال الشيخ أبو حامد: وكذلك إذا كان الرجل يعتقد أن رجلا مباح الدم يحل قتله فيشهد عليه بالقتل.. فلا تقبل شهادته عليه؛ لأنها شهادة بالزور.