واختلف أصحابنا في قبول شهادة سائر أهل الأهواء غير الخطابية.
فقال ابن القاص والقفال: لا ترد شهادة واحد منهم.
قال ابن الصباغ: وهو ظاهر قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وبه قال أبو حنيفة؛ لأن لهم شبهة فيما يقولون لا يصل الإنسان إلى حلها إلا بعد إتعاب الفكر، فلم ترد شهادتهم بذلك. وقال الشيخ أبو حامد: أهل الأهواء على ثلاثة أضرب:
ضرب نخطئهم ولا نفسقهم، وضرب نفسقهم ولا نكفرهم، وضرب نكفرهم.
فأما (الضرب الذي نخطئهم ولا نفسقهم) : فهم الذين اختلفوا في الفروع التي يسوغ فيها الاجتهاد؛ مثل أصحاب مالك وأبي حنيفة وغيرهما من أهل العلم الذين يخالفون في نكاح المتعة وفي النكاح بلا ولي ولا شهود وغير ذلك، فهؤلاء لا نفسقهم ولا نرد شهادتهم. قال: وهذا الضرب هو الذي أراد الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بأهل الأهواء الذين لم ترد شهادتهم دون غيرهم؛ لأن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اختلفوا في مسائل كثيرة في الفروع، وخطأ بعضهم بعضا، وأغلظ بعضهم على بعض في القول في الخطأ في ذلك، ولم يرد بعضهم شهادة بعض.
وأما (الضرب الذي نفسقهم ولا نكفرهم) : فهم الروافض الذين يسبون أبا بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، والخوارج الذين يسبون عثمان وعليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فلا تقبل شهادتهم؛ لأنهم يذهبون إلى شيء لا يسوغ فيه الاجتهاد، فهم معاندون مقطوع بخطئهم وفسقهم، فلم تقبل شهادتهم.
وأما (الضرب الذين نكفرهم) : فهم القدرية الذين يقولون: إنهم يخلقون