والثاني: تجب عليه دية كاملة، وهو الأصح؛ لأن الجناية إذا كانت مضمونة.. كان الاعتبار بالدية حال الاستقرار وهو مسلم، فوجبت فيه دية مسلم، كما لو قطع يد عبد، ثم أعتق، ثم مات.
وقال الخراسانيون: إن قلنا: يجب عليه القود، فعفا الولي عن القود.. وجبت فيه دية مسلم. وإن قلنا: لا يجب عليه القود.. فكم يجب فيه من الدية؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يجب فيه ثلثا الدية - وهو قول ابن سريج - فتوزع الدية على أحواله الثلاثة، فيسقط ثلثها بإزاء السراية في حال الردة.
والثاني: يجب نصف الدية، كما لو مات من جراحتين: إحداهما مضمونة، والأخرى غير مضمونة.
والثالث: يجب عليه أقل الأمرين من أرش الجناية أو جميع الدية.
وإن قطع يد مسلم، فارتد المقطوع، ومات في الردة من القطع.. فلا يجب عليه القصاص في النفس، ولا الدية، ولا الكفارة؛ لأن النفس خرجت ولا حرمة لها، وهل يجب القصاص في اليد؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يجب؛ لأن اليد تابعة للنفس، فإذا لم يجب القصاص في النفس.. لم يجب في اليد.
والثاني: يجب فيها، وهو الأصح، ولم يذكر المسعودي [في " الإبانة "] : غيره؛ لأن القصاص يجب في الطرف مستقراً، ولا يسقط بسقوطه في النفس، بدليل: أنه لو قطع يد رجل، ثم جاء آخر، وقتل المقطوع.. فإنه يجب على الأول القصاص في اليد.
وهكذا الحكم فيمن قطع يد مستأمن، فنقض العهد، ولحق بدار الحرب، ومات بها من القطع؛ لأن نقض العهد في حقه كالردة.