حواصلها من هول يوم القيامة، وإن شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار» فإن كنتما صدقتما.. فاثبتا، وإن كنتما كذبتما.. فغطيا رؤوسكما وانصرفا، فغطيا رؤوسهما وانصرفا) .
فإن وعظهم ورجعوا عن الشهادة.. سقطت شهادتهم، وإن ثبتوا على الشهادة.. فهم بمنزلة من لهم سمت حسن وعفاف ظاهر، فيسأل الحاكم عن عدالتهم في الباطن، ولا يمكنه السؤال عنهم بنفسه، ولكنه يتخذ قوما من أصحاب المسائل، ويبعثهم للسؤال عنهم. ويسأل عنهم في السر دون الجهر؛ لأن القصد معرفة عدالتهم دون فضيحتهم، فإن سأل عنهم جهرا ربما جرحوا فافتضحوا، ولأنه إذا سأل عنهم جهرا.. ربما استحيا المسؤول عنهم فعدلهم وليسوا بعدول، أو خاف من المشهود عليه فجرحهم وهم عدول، أو خاف من المشهود له فعدلهم وهم غير عدول، فكان السؤال عنهم في السر أولى. فيكتب الحاكم أربعة أشياء:
أحدهما: اسم الشاهد، ونسبه، وحليته، وصنعته، ومسكنه؛ حتى لا يشتبه بغيره.
والثاني: اسم المشهود عليه؛ لأنه قد يكون بينه وبين الشاهد عداوة، فلا يقبل شهادته عليه.
والثالث: اسم المشهود عليه؛ لأنه قد يكون ولده أو والده، ولا تقبل شهادته له.
الرابع: قدر المال الذي شهد به؛ لأن من الناس من يزكى في شهادته في الحق اليسير ولا يزكى في الحق الكثير.
ويكتب ذلك في رقعتين، ويدفع كل رقعة إلى رجل من أصحاب المسائل.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ويخفي عن كل واحد منهم ما دفعه إلى صاحبه؛ لئلا يتواطأ على الجرح والتعديل) .