المثل بحمل ما زاد على عشرة، كما لو اكتراه إلى بلد، فجاوز به إلى غيره، ويجب عليه جميع قيمة البهيمة؛ لأنها تلفت تحت يده بعدوانه، وإن كان صاحبها معها.. لزم المكتري الضمان؛ لما تعدى به من حمله على البهيمة أكثر مما يستحقه. وفي قدر ما يلزمه من الضمان قولان:
أحدهما: نصف قيمتها.
والثاني: يقسط الزائد، بناء على القولين في الجلاد إذا جلد إحدى وثمانين.
وليس للمكتري أن يطالب المكري برد الزيادة إلى البلد الذي اكترى منه. وأما إن كانت الزيادة حصلت بفعل المكري، بأن فوض المكتري إليه أن يكيل عشرة أقفزة، ويحملها على بهيمة، فكال المكري أحد عشر قفيزًا، وحملها على بهيمته.. فإنه غاصب لما زاد على العشرة؛ لأنه قبضه بغير إذن مالكها، ولا تجب له أجرة بحمله؛ لأنه متطوع بحمله، فإن تلفت البهيمة.. لم يلزم المكتري ضمانها؛ لأنها تلفت بفعل صاحبها، وللمكتري أن يطالب المكري برد ما زاد على العشرة إلى البلد الذي اكترى منه؛ لأنه حمله بغير إذنه، وليس للمكتري إجباره على رده، بل لو اختار إقراره في البلد الذي حمله إليه.. كان له؛ لأنه عين ماله.
وإن لقيه المكتري في البلد الذي حمل منه الطعام.. فهل له أن يطالبه ببدل الطعام إلى أن يرد إليه طعامه؟
نقل المزني:(أن له مطالبته ببدله) . وقال في " الأم ": (له مطالبته برده) . وقد قيل: له المطالبة ببدل الطعام.
ومن أصحابنا من قال: له المطالبة ببدله إلى أن يرد إليه طعامه، كمن غصب من رجل عبدًا، فأبق منه.
ومنهم من قال: ليس له المطالبة ببدله؛ لأن عين ماله باقية يمكن ردها، ويفارق الآبق، فإنه لا يمكن رده، والذي حكاه الشافعي فليس بمذهب له.
وأما إذا كال المكتري أحد عشر قفيزًا، وحملها المكري على بهيمته، ولم يعلم.. ففيه وجهان: