فإن لم ينزجر عن الأيمان، وطلب أن يحلف.. فإن الحاكم يحلفه على ما يأتي بيانه.
وإن نكل الولي عن الأيمان.. فإن الأيمان تصير في جنبة المدعى عليه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للأنصار حين امتنعوا عن اليمين:«فتبرئكم اليهود بخمسين يمينا» . فإن كان المدعى عليه واحدا.. حلف خمسين يمينا، وإن كانوا أكثر من واحد.. ففيه قولان:
أحدهما: تقسم عليهم الخمسون يمينا على عدد رؤوسهم، فإن كان فيها كسر.. جبر الكسر؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تبرئكم اليهود بخمسين يمينا» .
والثاني: يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا، وهو الأصح؛ لأن كل واحد منهم ينفي عن نفسه ما ينفي عن نفسه إذا كانت الدعوى عليه وحده، والخبر محمول على: أن كل واحد منهم ممن ادعيتم عليه أنه قتل يحلف لكم خمسين يمينا.
بخلاف الأولياء؛ حيث قلنا: الصحيح: أن الأيمان الخمسين تقسم عليهم على قدر مواريثهم؛ لأن كل واحد منهم يثبت لنفسه - إذا كان معه وارث- غير ما يثبته لها إذا انفرد بالإرث.
فإن نكل المدعى عليه عن اليمين في هذه الحالة.. فهل ترد الأيمان على المدعي ثانيا؟ وإن قلنا: إن أيمان المدعي ابتداء توجب المال دون القود.. فإن الأيمان هاهنا ترد على الولي قولا واحدا إذا كان القتل موجبا للقود، ويجب له القود؛ لأن أيمان الولي هاهنا كبينة يقيمها على القتل في أحد القولين، أو كإقرار المدعى عليه في الثاني، والقود يثبت بالجميع. وإن قلنا: إن أيمان الولي ابتداء توجب القود وكانت الدعوى بقتل لا يوجب القود.. فهل ترد عليه الأيمان؟ فيه قولان:
أحدهما: لا ترد عليه؛ لأن الأيمان قد كانت في جنبته وقد أسقطها بالنكول عنها، فلم ترد عليه، كالمدعى عليه إذا نكل عن اليمين فردت على المدعي فنكل.. فإنها لا ترد على المدعى عليه، فلم ترد.