للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يبيع منهما ذهبًا بورق على ما مضى.

وإن كان فيهما غش أو في أحدهما.. نظرت: فإن كان الغش فيهما غير مستهلك، وهي الدراهم التي غشها له قيمة، كالتي تغش بالصفر والنحاس.. فإنه لا يجوز بيع بعضها ببعض بلا خلاف على المذهب. واختلف أصحابنا في علته:

فقال أكثرهم: لا يجوز؛ لأنه بيع فضة وعرض، بفضة وعرض.

ومنهم من قال: لا يجوز لهذا المعنى، ولأن المقصود منها الفضة، وهي غير متميزة عمّا ليس بمقصود منها، فلم يصح، كما لا يصح بيع اللبن المشوب بالماء، فإن أراد أن يشتري بهذه الدراهم ثوبًا أو عرضًا، فعلى قول من قال: العلة فيه: أنه فضة وعرض، بفضة وعرض.. يجوز. وعلى قول من قال: العلة فيه: أن المقصود غير متميز.. لا يجوز.

وأما إذا أراد أن يشتري بهذه الفضة ذهبًا، فمن قال من أًصحابنا: لا يصح أن يشتري بها عرضا.. فالذهب أولى أن لا يصح شراؤه بها. ومن قال: يجوز شراء العروض بها.. فهل يصح شراء الذهب بها؟ فيه قولان؛ لأنه بيع وصرف.

وأما الدنانير التي غشها الفضة: فلا يصح شراء الذهب بها، ولا شراء الفضة بها، وجهًا واحدًا. وهل يصح شراء العرض بها؟ فيه وجهان، الصحيح: أنه يجوز؛ لما ذكرناه.

وأما إذا كان الغش مستهلكًا، وهي الدراهم التي غشها الزرنيخ والنُّورة؛ لأنها إذا صفيت لم يكن لغشها قيمة.. فلا يصح بيع بعضها ببعض؛ لأن الغش إن كان فيهما.. فلأنه لا يعلم التساوي بين الغشين، ولا بين الفضتين. وإن كان الغش في أحدهما؛ فلأنه لا يعلم التساوي بين الفضتين.

ويجوز شراء السلع والذهب بها، وجهًا واحدًا؛ لأن هذا الغش لا يختلط بالفضة، وإنما الفضة مطليّة عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>