القدرة عليهم.. لم يؤثر ذلك؛ لأن المحارب إذا حصل في قبضة الإمام.. وجب عليه إقامة الحد عليه، وإذا تاب في هذه الحال.. فالظاهر: أنه تاب للتقية من إقامة الحد عليه، فلم يسقط.
فأما إذا تاب قبل قدرة الإمام عليه.. فإنه تسقط عنه الحدود التي يختص وجوبها بالمحاربة قولا واحدا؛ وهي: قطع الرجل، وانحتام القتل عليه، والصلب؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٣٤][المائدة: ٣٤] .
ولا تسقط حقوق الآدميين - وهو: حد القذف، وضمان الأموال، والقصاص- بالتوبة بحال، سواء كان محاربا أو غير محارب.
وأمَّا الحدود التي تجب لحق الله تَعالَى ولا يختص وجوبها بالمحاربة؛ كحد الزِّنَى، واللواط، وحد الخمر، والسرقة.. فهل تسقط بالتوبة عن المحارب وغير المحارب؟ فيه قولان:
أحدهما: لا تسقط بالتوبة - وبه قال أبُو حَنِيفَة - لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢][النور: ٢] ، وقَوْله تَعَالَى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨][المائدة: ٣٨] . وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من شرب الخمر.. فاجلدوه» ولم يفرق بين أن يتوب وبين أن لا يتوب. ولأنه حد لا يختص بالمحاربة، فلم يسقط بالتوبة، كحد القذف.
والثاني: يسقط بالتوبة، وهو الأصح؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٣٤][المائدة: ٣٤] فأخبر: أن المحارب إذا تاب قبل القدرة عليه.. غفر له جميع ما كان منه، وقال تَعالَى: