{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] إلى قوله: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٣٩][المائدة: ٣٨-٣٩] فأخبر: أنه إذا تاب وأصلح.. فإن الله يتوب عليه ويغفر له. والظاهر: أنه لا يتعلق عليه شيء بعد ذلك. وقال في الزِّنَى:{فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا}[النساء: ١٦][النساء: ١٦] . وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «التوبة تجب ما قبلها» . ورُوِي: «أن رجلا أتى النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: أنِّي أصبت حدا فأقمه عليّ، فقال:"أليس توضأت فصليت؟ " فقال: بلى، قال: "فلا حد عليك» فالظاهر: أنه إنما سقط عند الحد بصلاح العمل. ولأنه حد خالص لله، فسقط بالتوبة، كالحد الذي يختص بالمحاربة.
فإذا قلنا بهذا: فإن كانت هذه الحدود وجبت عليه في حال المحاربة.. سقطت عنه بالتوبة، ولا يشترط عليه في سقوط الحد مع التوبة إصلاح العمل. وإن كانت وجبت عليه في غير المحاربة.. لم تسقط عنه حتى يقرن مع التوبة إصلاح العمل.
والفرق بينهما: أن المحارب مظهر للمعاصي، فإذا تاب.. فالظاهر من حاله أنه لم يتب تقية، وإنما رجع عما كان عليه. وغير المحارب غير مظهر للمعاصي، فإذا تاب.. فالظاهر: أنه تاب تقية، فلم يحكم بصحة توبته حتى يقترن به إصلاح العمل، ويشترط إصلاحه للعمل مدة يوثق بتوبته فيها.
وأمَّا قطع اليد لأخذ المال في المحاربة.. فاختلف أصحابنا فيه:
فقال أبُو إسحاق: لا يختص بالمحاربة؛ لأنه لا يجب إلا بأخذ نصاب، فهو كالقطع في السرقة.
وقال أبُو عليّ بن أبي هُرَيرَة، وأبو عليّ الطبري: يختص بالمحاربة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المائدة: ٣٣] الآية [المائدة: ٣٣] فعلق قطع اليد والرجل