فبدأ بالبائع أولاً، ولأن جنبته أقوى بعد التحالف؛ لأنهما إذا تحالفا.. رجع المبيع إلى ملكه، فكانت البداية به أولى.
والثاني: يبدأ بيمين المشتري، وهو قول أبي حنيفة؛ لأن جنبته أقوى قبل التحالف؛ لأن المبيع على ملكه، فكانت البداية به أولى، كما لو ادّعى رجل دارًا في يد آخر.
والثالث: أنهما سواءٌ، فيبدأ بأيهما شاء؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر؛ لأن السلعة يعود ملكها بعد التحالف إلى البائع، وكذا الثمن يعود ملكه إلى المشتري، فلم يكن لأحدهما على الآخر مزية، كما لو كان في يدهما دارٌ، فادّعى كل واحد منهما ملك جميعها.. فإنهما يتحالفان، ويبدأ الحاكم بيمين من شاء منهما.
قال الشيخ أبو حامد: وهذا القول أقيس، والأول هو ظاهر المذهب.
و [الطريق الثاني] : من أصحابنا من قال: المسألة على قول واحد، وإنه يبدأ بيمين البائع، وكذلك في السلم والكتابة، وفي الصداق يبدأ بيمين الزوج؛ لأنهما إذا تحالفا في الصداق.. فإنّ ملك البضع يكون للزوج بعد التحالف، كما أن ملك المبيع يعود إلى البائع بعد التحالف، فأمّا ما ذكره في (الدعوى والبينات) : قال الشيخ أبو حامدٍ: فله تأويلان.
أحدُهما: أنّ الشافعي لم يذكر أن هذا مذهبًا له، وإنّما بيّن أن هذا مما يسوّغ فيه الاجتهاد، وإن حاكمًا لو حكم بأنه يبدأ بيمين البائع أو بيمين المبتاع.. نفذ حكمه، ولم ينقض، فأما مذهبه: فيبدأ بيمين البائع.
والتأويل الثاني: أنّ الشافعي إنما قصد بهذا أن يبين أن قولنا: إنه يبدأ بيمين البائع، ليس على وجه الشرط، ولكن على سبيل الاستحباب، ولو بدأ بيمين المبتاع.. صحّ، ووقعت موقعها.