وجملة ذلك: أنه إذا صلى مسافر بمسافرين ومقيمين، فرعف الإمام، واستخلف مقيمًا كان على المأمومين أن يتموا الصلاة.
وقال أبو حنيفة:(لا يلزم المسافرين الإتمام؛ لأنهم يبنون على حكم الإمام الأول) .
ودليلنا: أنهم مؤتمون بالمقيم، فأشبه إذا أحرموا خلف المقيم.
وأما الراعف: فإن الشافعي قال: (يلزمه أن يتم) .
قال المزني: هذا غلط، بل هو بالخيار، إن شاء قصر، وإن شاء أتم؛ لأنه مسافر لم ينو الإتمام، ولا اقتدى بمقيم.
قال أصحابنا: الصحيح ما قاله المزني.
واختلفوا في تأويل قول الشافعي: فقال أبو إسحاق: تأويل ذلك هو أن الراعف لما رعف، واستخلف المقيم ذهب، وغسل الدم عن نفسه، ثم عاد، فائتم بالمقيم، وعليه يدل ظاهر كلام الشافعي، حيث قال:(لأنه لم يكمل واحد منهم الصلاة، حتى صار فيها في صلاة مقيم) ، وهذا الراعف لا يكون فيها في صلاة مقيم إلا بهذا.
وتأولها أبو العباس تأويلين غير هذا:
أحدهما: أنه قال: بنى الشافعي هذا على القول القديم، وأن الصلاة لا تبطل إذا سبقه الحدث، فيكون في حكم المؤتم بالمقيم.
وهذا التأويل ليس بشيء؛ لأنه وإن لم تبطل صلاته على هذا القول إلا أنه منفرد عن الجماعة.
والتأويل الثاني حكاه أبو العباس عن بعض أصحابنا: أنه قال: يحتمل أن يلزمه التمام على القولين؛ لأن هذا الخليفة فرع له، ولا يجوز أن تكون صلاة الأصل أنقص من صلاة الفرع.
وهذا ليس بشيء؛ لأن الإمام إنما لزمه التمام؛ لأنه مقيم.