قال الشافعي:(فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩][الجمعة:٩] . فأمر الله بالسعي بعد النداء، وهو بعد الزوال ... فكيف استحببتم السعي قبل الزوال؟ -قال - فالجواب: أن السعي المأمور به بعد الزوال واجب، وذلك لا يمنع استحباب السعي قبل الزوال) .
والمستحب: أن يمشي إلى الجمعة على سجية مشيه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أتيتم الصلاة ... فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن أتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة» .
ولا يركب من غير عذر؛ لما روى أوس بن أوس: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع، ولم يلغ ... كان له بكل خطوة أجر عمل سنة صيامها وقيامها» .
وقوله:(غسل) فيه ثلاث روايات: غسل - بالتخفيف - وروي: غسل - بالتشديد - وروي: عسل - بالعين غير معجمة منقوطة - فمن روى بالتخفيف ... فأراد: توضأ واغتسل، ومن روى بالتشديد
فأراد: جامع أهله، فاغتسل وغسل غيره، وكذا من روى بالعين ... أي: ذاق العُسيلة - وهو الجماع - واغتسل.
وقوله:"بكر"، أي: خرج في الساعة الأولى، وفي "ابتكر" تأويلان: أحدهما: أنه أراد: حضور أول الخطبة، مشتق من: باكورة الثمرة، وهو أولها.
والثاني: أنه أراد: فَعل فِعل المبتكرين، من الصلاة، والقراءة، والطاعة.