وعلى القولين جميعًا: إذا تكلم ... لم تبطل جمعته؛ لـ: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يأمر ابن مسعود بإعادة الجمعة) .
إذا ثبت هذا: فلا فرق بين أن يكون قريبًا من الإمام يسمع، أو كان بعيدًا لا يسمع، غير أن البعيد بالخيار: إن شاء ... أنصت، وإن شاء
ذكر الله تعالى؛ لما روي عن عثمان: أنه قال: (إذا خطب الإمام ... فأنصتوا، فإن للمنصت الذي لا يسمع من الخطبة مثل ما للسامع) . هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال في " الإبانة " [ق\٩٢] : هل يقرأ البعيد القرآن؟ فيه وجهان.
هذا فيما لا فائدة فيه من الكلام.
فأما إذا علم إنسانًا شيئًا من الخير، أو نهاه عن المنكر، أو رأى أعمى يتردى في بئر، أو رأى عقربًا تدب إليه ... لم يحرم كلامه قولًا واحدًا.
وإن سلم رجل والإمام يخطب ... كره له ذلك، وهل يرد عليه، ويشمت العاطس؟ يبنى على القولين في الإنصات.
فإن قلنا: إنه مستحب ... رد السلام عليه، ولكن يرد السلام عليه واحد؛ لأن الرد فرض على الكفاية، وذلك يحصل بواحد، ويشمت العاطس واحد أيضًا.
وإن قلنا: إن الإنصات واجب، لم يرد السلام، ولم يشمت العاطس؛ لأن المسلم سلم في غير موضعه، فلم يرد عليه، وتشميت العاطس سنة، فلم يترك له الإنصات الواجب.
ومن أصحابنا من قال: يشمت العاطس ولا يرد السلام؛ لأن العاطس غير مفرط، والمسلم مفرط.
ومنهم من قال: يرد السلام ولا يشمت العاطس؛ لأن رد السلام واجب، وتشميت العاطس سنة.
والأول هو المنصوص.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute