إقامتها في مسجدين في البلد استحسانًا، ولا يجوز في ثلاثة مساجد، وأهل الخلاف يذكرون: أن مذهب أبي حنيفة فيها كمذهبنا.
قال الشيخ أبو حامدٍ: والذي يدل عليه كلام الشافعي: أن مذهب أبي حنيفة كمذهب محمد.
دليلنا: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخلفاء من بعده، ما أقاموا الجمعة إلا في موضع واحدٍ، وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صلوا كما رأيتموني أصلي» .
فإن قيل: فقد دخل الشافعي بغداد، ورأى الناس يصلون الجمع في جامع المنصور، وفي جامع المهدي، ولم ينكر عليهم.
فالجواب: أن هذا موضع اجتهاد، وليس لبعض المجتهدين أن ينكر على بعضٍ.
واختلف أصحابنا في بغداد:
فقال القاضي أبو الطيب بن سلمة: إنما أراد الشافعي إذا كان المصر جانبًا واحدًا، فأما إذا كان البلد جانبين، ويجري فيهما نهر، كبغداد: جاز في موضعين؛ لأنه كالبلدين.
قال الشيخ أبو حامد: وهذا ضعيف؛ لأنه لو كان كالبلدين ... لوجب أن يجوز له القصر إذا سافر من أحد الجانبين، وإن لم يعبر الآخر.
وقال بعض أصحابنا: إنما أراد الشافعي: لا تقام إلا في مسجد واحدٍ إذا كان البلد مبنيًا بلدًا واحدًا من أصله، فأما إذا كانت قرى متفرقة، ثم اتصلت العمارة: جاز أن تقام الجمعة في القرى التي كانت قبل الاتصال، ومدينة السلام بهذه الصفة.
ومن أصحابنا من قال: إنما أراد الشافعي: إذا لم يكن عليهم مشقة في الاجتماع في مسجد واحدٍ.
فأما إذا كانت عليهم مشقة في الاجتماع بمسجدٍ واحدٍ: جاز إقامتها في مساجد؛