فقال أبو سعيد الإصطخري: صلاة العيدين فرض على الكفاية - فيكون تأويل كلام الشافعي عنده: من وجب عليه حضور الجمعة فرض عين ... وجب عليه حضور العيدين فرض كفاية، وهو مذهب أحمد بن حنبل - لأنها صلاة يتوالى فيها التكبير في القيام، فكانت فرضًا على الكفاية، كصلاة الجنازة.
وقال عامة أصحابنا: هي سنة. فيكون تأويل كلام الشافعي عندهم: ومن وجب عليه حضور الجمعة حتمًا ... وجب عليه حضور العيدين ندبًا.
وقال أبو حنيفة:(هي واجبة، وليست بفرض) .
ودليلنا: «قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للأعرابي:"خمس صلوات كتبهن الله تعالى على عباده"، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوع» .
ولأنها صلاة ذات ركوعٍ وسجودٍ، لم يسن لها الأذان بوجهٍ، فلم تكن واجبة بالشرع، كصلاة الاستسقاء.
فقولنا:(ذات ركوع) احتراز من صلاة الجنازة.
وقولنا:(لم يسن لها الأذان) احتراز من الصلوات الخمس في مواقيتها.
وقولنا:(بوجهٍ) احتراز من الفوائت؛ لأنه لا يؤذن للثانية منها، ولكنه قد يسن لها الأذان بوجهٍ، وهو في وقتها.
وقولنا:(بالشرع) احتراز من النذر.
وأما قول الإصطخري: يتوالى فيها التكبير: فينتقض بصلاة الاستسقاء، فإن اتفق أهل بلدٍ على تركها ... قوتلوا على تركها على قول الإصطخري، وهل يقاتلون على تركها على قول عامة أصحابنا؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يُقاتلون؛ لأنها نفل، والإنسان لا يُقاتل على ترك النفل.
والثاني - وهو قول أبي إسحاق -: أنهم يُقاتلون؛ لأنها من الأعلام الظاهرة في