وما قاله الشيخ أبو حامد أشبه بكلام الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأنه قال في الجمع:(يغرف غرفة لفيه وأنفه) ، وهذا لا يوجد إلا على ما قاله الشيخ أبو حامد، إلا أن ما ذكره القاضي أبو حامد أمكن وأثبت.
إذا ثبت هذا: فإن المضمضة والاستنشاق.. سنة في الوضوء وغسل الجنابة، وهو قول مالك.
وقال ابن أبي ليلى، وإسحاق: هما واجبان في الوضوء، والغسل.
وقال أحمد، وداود:(الاستنشاق واجب فيهما دون المضمضة) .
وقال الثوري، وأبو حنيفة:(هما واجبان في الغسل، سنتان في الوضوء) .
دليلنا: ما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء» .
فجعل المضمضة والاستنشاق مع هذه المسنونات، فدل على أن حكم الجميع واحد، وروي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للأعرابي:«توضأ كما أمرك الله» . وليس فيما أمره الله: المضمضة والاستنشاق.
وعلى أبي حنيفة -: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأم سلمة:«إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضي عليك الماء» . ولأنه عضو باطن دونه حائل معتاد، فلم يجب غسله كالعين.