دليلنا: ما روت أم عطية: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في غسل ابنته: "اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا بماء وسدر، أو أكثر إن رأيتن ذلك، واجعلن في الغسلة الأخيرة كافورًا، أو شيئًا من كافور» .
وظاهر الخبر يقتضي: أن كل غسلة منها تكون بالسدر.
والواجب غسل مرة واحدة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المحرم الذي خر من بعيره:«اغسلوه بماء وسدر» . وذلك لا يقتضي أكثر من مرة، ولأن غسل الحي يجزئ مرة واحدة، فكذلك غسل الميت.
ويستحب أن يمر يده على بطنه، ويعصرها في كل مرة، إلا أنه يبالغ في المرة الأولى، ويرفق فيما بعدها، ويتفقده عند آخر غسلة، فإن خرج من أحد فرجيه شيء ... قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (يعاد غسله) ، واختلف أصحابنا فيه:
فقال المزني وغيره من أصحابنا: يجب غسل الموضع لا غير، وهو قول مالك، والثوري، وأبي حنيفة رحمة الله عليهم؛ لأن غسله قد صح، فلا يبطل بالحدث، كالجنب إذا اغتسل، ثم أحدث، وقول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (يعاد غسله) أراد: استحبابًا، لا وجوبًا.
وقال أبو إسحاق: يجب غسل الموضع، وغسل أعضاء الوضوء، كالحي إذا اغتسل من الجنابة، ثم أحدث.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: يجب إعادة غسل جميع بدنه، وهو قول أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأنه خاتمة طهارته.
قال الشيخ أبو حامد: وهذا أضعف الوجوه، والأول هو الصحيح.