للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو قلنا: الخيار إلى رب المال.. لكان يخرج الأدون، فيكون قد أنفق خبيث المال.

الثاني - وهو قول أبي العباس -: أن الخيار إلى رب المال، فيعطي أي الفرضين شاء، إلا أن يكون ناظرا ليتيم، فلا يجوز أن يعطي إلا أدونهما، وحمل النص عليه إذا خير رب المال الساعي.

ووجهه: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إياك وكرائم أموالهم» . فلو جعلنا الخيار إلى الساعي، لأخذ الكريمة.

فإذا قلنا بالمنصوص: فإن كان الفرضان متساويين في القيمة.. أخذ الساعي أيهما شاء، وإن كان أحدهما أكثر قيمة.. كان على الساعي أن يأخذ أفضل الفرضين.

فإن أخذ الأدون: قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (كان على رب المال أن يخرج الفضل، ويعطيه أهل السهمان) .

واختلف أصحابنا فيه:

فمنهم من قال: أراد بذلك: إذا أخذ الساعي الأدنى بغير عمد منه، أو من رب المال، مثل: أن يكون رب المال قد أظهرهما، وأدى الساعي اجتهاده إلى أن الذي يأخذه هو الأفضل، ثم بان أنه الأدنى.. فإنه يخرج الفضل.

فأما إذا أخذ الأدنى بتفريط منهما، أو من أحدهما، بأن لم يظهر رب المال له الفرض الآخر، أو أخذه بغير نظر، أو مع العلم بأنه الأدنى.. فلا يجزئه إخراج الفضل، بل يجب رد المأخوذ إن كان باقيا، أو قيمته إن كان تالفا، ويجب على رب المال أن يخرج الفرض الأجود.

ومنهم من قال: إن كان الساعي قد أخذ الأدون، وفرقه على المساكين.. لم يمكن رده؛ لأنه تالف، فيخرج الفضل هاهنا.

فأما إذا لم يكن الساعي فرقه: فإنه يرد إلى رب المال، ويؤخذ الأجود.

ومنهم من قال: يجزئه المأخوذ بكل حال، ويخرج الفضل؛ لأن كل واحد منهما

<<  <  ج: ص:  >  >>