قال أبو عبيد الهروي: وقد روي: " ولا حرزات المال " ـ بتقديم الراء ـ فإن رضي رب المال بدفع الربى، والحامل.. أجزأه.
وكذلك: لو وجبت عليه ابنة مخاض، فدفع عنها ابنة لبون، أو حقة.. جاز؛ لأنها أعلى منها.
وقال داودُ:(لا تجزئه الحاملُ؛ لأن الحملَ عيبٌ في الحيوان) بدليل: أنه لو باعه جارية حائلًا في الظاهر، فبانت حاملًا.. كان له ردها، ولا تجزئ الحاملُ في الأضحية، وكذلك عنده: لو دفع ابنة لبونٍ عن ابنةِ مخاض.. لم يُجْزِهِ.
دليلُنا: أنَّ الحمل زيادة في الحيوان، بدليل: أنه يجب دفع الحامل في دية العمد تغليظًا على القاتل، وإنما الحمل نقص في الآدميات، لما ينقص من جمالها واستمتاعها، ويخاف عليها منه الموت عند الولادة، وإنما لم تجزئ الحاملُ في الأضحية؛ لأنه ينقص من لحمها.
وأما الدليل على جواز أخذ سن عما دونها: ما «روى أبي بن كعب: قال: بعثني رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مصدقًا، فمررت برجل، فجمع لي ماله، فرأيت قد وجب فيها ابنةُ مخاضٍ، فقلت له: قد وجبت عليك ابنة مخاض، فقال: إنه لا در لها، ولا ظهر، ولا نسل، وهذه ناقة فتية سمينة عظيمة، فخذها، فقلت لا آخذها؛ لأني لم أومر بأخذ ذلك، وهذا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منك قريبٌ، فاعرض عليه ما عرضت علي، فإن أخذها.. أخذتها، وإن ردها.. رددتها، فأتينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتلك الناقة، فأخبرناه بذلك، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ذلك الذي وجب عليك، فإن تطوعت بخيرٍ.. آجرك الله فيه، وقبلناه منك ". وأمرنا بقبضها» .