قال: ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية»
فمعنى قوله:«لا يُجمعُ بين مفترقٍ» ، أي: لا يجمعُ الساعي بين ملكين في مكانين؛ ليأخذ منهما زكاة الواحد، مثل: أن يكون لأحدهما مائة شاة وشاة، وللآخر مائة شاة، فليس للساعي أن يجمع بينهما؛ ليأخذ منها ثلاث شياه، بل يأخذ من كل واحدٍ منهما شاة، ووافقنا أبو حنيفة: أنَّ هذا مراده بقوله: «ولا يجمع بين مفترقٍ» .
وأما قوله:«ولا يفرق بين مجتمع» وهو موضع الدليل من الخبر: فيتصور ذلك في ثلاث مسائل:
إحداهنَّ: إذا كان بين ثلاثةِ أنفس مائة وعشرون شاةً، لكلّ واحدٍ أربعون، وهم مختلطون.. فليس للساعي أن يفرق بينهم؛ ليأخذ من كل واحدٍ شاةً، بل يأخذ منهم شاةً واحدةً.
الثانية: إذا اختلط الرجلان بأربعين شاةً.. فيجب عليهما شاةٌ، وليس لهما أن يفرقا حكميهما بعد تمام الحول، خشية وجوب الزكاة.
الثالثة: إذا كان لأحدهما مائة شاةٍ وشاةٌ، ولأحدهما مائة شاةٍ، فاختلطا حولًا.. وجبَ عليهما ثلاثُ شياه، ولا يفرقُ حكمهما، خشية وجوب الزكاة الثالثة عليهما.
وأما قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خشية الصدقة» : فالخشية خشيتان:
خشية من الساعي أن يغل الصدقة، وذلك في مسألتين:
إحداهما: إذا كان المال في مكانين.. فليس له أن يجمع بينهما، كما مضى.
الثانية: ليس له أن يفرق بين الشركاء الثلاثة في مائة وعشرين من الغنم.
وخشية أرباب الأموال أن تكثر الصدقة، وذلك في مسألتين: وهما الأخريان من الثلاثة المسائل.