الحاجة إليه في ذلك.. فإن كان الضر يزول بقطع الثمرة.. قطع البعض منها. وإن كان الضرر لا يزول إلا بقطع جميع الثمرة.. قطع جميعها؛ لأن في ذلك حظًا لرب المال يحفظ أصل نخله، وللمساكين في مستقبل الأحوال.
ولا يقطع إلا بمحضر الساعي؛ لأنه نائبٌ عن المساكين، فإذا حضر الساعي قبل القطع، فإن قلنا: إن القسمة فرز الحقين.. فإن الخارص يخرص ما في كل نخله من الرطب، ويفرد حق المساكين في نخلاتٍ بعينها، ويسلمها رب المال إلى الساعي، فإن رأى الساعي الحظ في بيعها وقسمة ثمنها.. فعل، وإن رأى الحظ في قسمتها رطبًا.. قطعها، وقسمها عليهم.
وإن قلنا: إن القسمة بيعٌ.. لم يجز قسمتها على رؤوس النخل، فيسلم رب المال عشر الثمرة مشاعًا إلى الساعي.
فإن رأى الساعي بيعها وتفرقة ثمنها.. باع عشرها مشاعًا، وفرق الثمن.
وإن رأى قسمتها.. سلمها الساعي مشاعًا إلى المساكين.
وإن قطعا الثمرة من النخل.. فهل تصح المقاسمة بالثمرة على هذا القول؟ فيه وجهان:
أحدهما ـ وهو قول الشيخ أبي إسحاق، وابن أبي هريرة، ولم يذكر في " التعليق " و " المجموع " غيره ـ: أن ذلك يصح بالكيل أو الوزن؛ لأن ذلك استيفاءٌ للزكاة لا معاوضةٌ، ألا ترى أن رب المال لو سلم أكثر مما وجب عليه.. صح.
والوجه الثاني ـ وهو اختيار القاضي أبي الطيب، والشيخ أبي إسحاق، وابن الصباغ ـ: أنه لا يصح، كما لا يجوز على رؤوس النخل، على هذا القول، فإن قطع رب المال الثمرة ـ عند خوف العطش ـ من غير إذن الإمام أو الساعي.. فقد أساء، ويعزر إن كان عالمًا.
وما الذي يؤخذ منه؟ روى المزني عن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " المختصر "[١، \ ٢٢٨] : (أنه يؤخذ من ثمن عشرها، أو عشرها مقطوعة) . وظاهر هذا: أنه مخير.