والقول الثاني: لا يصح البيع في قدر الزكاة، وهو الأصح؛ لأنا إن قلنا: إن الزكاة استحقاق جزءٍ من المال.. فقد باع ما لا يملكه.
وإن قلنا: إن المال مرهونٌ بها.. فبيع المرهون بغير إذن المرتهن لا يصح. هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال الخراسانيون:
إن قلنا: إن الزكاة تجب في الذمة.. صح البيع في قدر الزكاة.
وإن قلنا: إنها تتعلق بالعين على معنى استحقاق جزء منها.. لم يصح البيع في قدر الزكاة.
وإن قلنا: كتعلق الجناية برقبة الجاني.. فهل يصح البيع في قدر الزكاة؟ فيه قولان، كبيع العبد الجاني.
إذا ثبت هذا: فكل موضعٍ قلنا: يصح البيع في قدر الزكاة.. ففي الباقي أولى.
وإن قلنا: لا يصح البيع في قدر الزكاة.. فهل يبطل في الباقي؟ فيه قولان، بناءً على القولين في تفريق الصفقة:
فإذا قلنا: يبطل في الكل.. فلأي معنًى؟ فيه وجهان:
أحدهما: لأن الصفقة جمعت حلالًا وحرامًا، فغلب التحريم.
فعلى هذا: يبطل البيع في الماشية والثمار والزروع والأثمان. وإن رهن مالًا وجبت فيه الزكاة، أو وهبه.. بطل الرهن والهبة في الجميع.
والثاني: يبطل؛ لجهالة ثمن المبيع.
فعلى هذا: يبطل بيع الماشية، ولا يبطل بيع الثمرة والحبوب. وإن رهن مالًا وجبت فيه الزكاة، أو وهبه.. لم يبطل الرهن والهبة فيما زاد على قدر الزكاة.
فإذا قلنا: يبطل البيع في الجميع.. فسواءٌ أخرج رب المال الزكاة منه، أو من غيره، فإنه لا يصح إلا بعقد بعد إخراج الزكاة.
وإذا قلنا: إن البيع باطلٌ في قدر الزكاة، صحيحٌ في الباقي.. كان كالمشتري