وأما ضرب الدراهم المغشوشة: فيكره ذلك للإمام؛ لأنه ربما غر المسلمون بعضهم بعضًا بها؛ ولأن من عليه عشرة دراهم إذا دفع عنها عشرة دراهم مغشوشة.. لا تبرأ ذمته إذا لم تكن الفضة فيها عشرة دراهم.
وأما غير الإمام: فيكره له ضرب الدراهم المغشوشة؛ لما ذكرناه في الإمام، ولأن ضرب الدراهم للإمام، فلا يفتات عليه، وهل يصح الشراء بها؟ فيه وجهان: يأتي ذكرهما.
وأما وجوب الزكاة فيها: فإن كانت الفضة فيها أقل من مائتي درهمٍ.. لم تجب فيها الزكاة؛ لأنها أقل من النصاب.
وإن كانت الفضة فيها تبلغ مائتي درهم.. وجبت فيها الزكاة، وبه قال مالكٌ، وأحمدُ.
وقال أبو حنيفة:(إن كان الغش فيها أقل.. وجبت فيها الزكاة، وإن كان الغش أكثر أو كانا سواءً.. لم تجب) .
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة» . وهذه دون خمسة أواقٍ.
إذا ثبت هذا: فإن كان يعرف قدر الفضة التي فيها.. أخرج عنها الزكاة، وإن كان لا يعرف.. فهو بالخيار بين أن يمسكها؛ ليعرف الفضة، فيخرج منها، أو يخرج الزكاة، ويستظهر، بحيث يعلم أنه لم ينقص عما وجب عليه فيها، فإن كان معه ألف درهمٍ مغشوشة، فأخرج عنها خمسة وعشرين درهمًا فضة.. قال الشافعي:(قبل منه وقد تطوع بالفضل) .