وإن وجد نصابهما.. فلا خلاف أن الزكاتين لا تجبان معًا، وأيهما يجب؟ ينظر فيه:
فإن اتفق حولاهما بأن اشترى خمسًا من الإبل للتجارة بعرض للقنية وأسامها، وقومت عند الحول، فبلغت قيمتها نصابًا.. ففيه قولان:
[الأول] : قال في القديم: (تجب زكاة التجارة) . وبه قال أبو حنيفة، وأحمد، إلا أن أبا حنيفة يقول في التجارة والزرع كقولنا الجديد.
ووجه هذا: حديث سمرة بن جندب حيث قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع» . وهذا معدٌ للبيع، ولأن زكاة التجارة أعم؛ لأنها تجب في الثمرة، والجذع، وفي الأرض، والزرع، ولأنها تزاد بزيادة القيمة، فكان إيجابها آكد للمساكين.
و [الثاني] : قال في الجديد: (تجب زكاة العين) . وبه قال مالكٌ، وهو الصحيح؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «في خمس من الإبل شاة، وفي أربعين شاة شاة، وفيما سقت السماءُ العشر» . ولم يفرق بين أن يكون للتجارة أو للقنية.
ولأن زكاة العين مجمعٌ عليها، بدليل: أن من قال: لا تجب زكاة العين.. يحكم بكفره، وزكاة التجارة مختلفٌ في وجوبها؛ ولهذا لا يكفر من قال: لا تجب.
وإن سبق حول إحدى الزكاتين، مثل: أن يكون عنده مائتا درهمٍ أقامت في يده أحد عشر شهرًا، فاشترى بها خمسًا من الإبل، فأسامها.. فإنه إذا مضى شهرٌ.. أتم حول زكاة التجارة.
وإن أقامت في يده ستة أشهرٍ، ثم اشترى بها أرضًا فيها نخلٌ للتجارة، فأقامت شهرًا، وبدا فيها الصلاح، وقد سبق حول زكاة العين.. فيه وجهان:
أحدهما - وهو قول القاضي أبي حامدٍ -: أنها على قولين، كالأولى؛ لأن