فأمر بوضع الصدقة في الرقاب، وهذا إنما يصح على قولنا؛ لأن الصدقة تدفع إليهم، وتوضع فيهم، فأما على قولهم: فإنما تدفع إلى سادتهم لا إليهم.
إذا ثبت هذا: فإن كان مع المكاتب ما يفي بمال الكتابة.. لم يعط شيئا من الزكاة؛ لأنه لا حاجة به إليه.
وإن لم يكن معه شيء، وقد حل عليه نجم.. أعطي ما يؤدي فيما عليه.
وإن لم يكن معه شيء، ولم يحل عليه نجم.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يعطى؛ لأن الدين غير لازم له، فلا حاجة به إلى ما يعطاه.
والثاني: يعطى؛ لأن النجم يحل عليه، والأصل: عدم المال معه.
فإن دفع من عليه الزكاة إلى السيد بإذن المكاتب.. جاز، وإن دفع إليه بغير إذن المكاتب.. لم يجز، وإن دفع إلى المكاتب بإذن السيد، أو بغير إذنه.. جاز.
وإن دفع إلى المكاتب شيء من الزكاة، وأراد أن يصرفه في غير مال الكتابة.. قال ابن الصباغ: منع منه؛ لأن القصد إعتاقه، فلا يحوز له تفويته، فإن أراد المكاتب أن يتجر به؛ ليحصل بذلك الوفاء بما عليه.. لم يمنع منه؛ لأنه يتوصل به إلى أداء ما عليه، فإن دفع إليه شيئا فأعتقه السيد، أو تبرع عليه أجنبي، فأدى عنه، أو عجز نفسه، فإن كان المال باقيا في يد المكاتب.. قال أصحابنا البغداديون: إن لرب المال أن يسترجع منه ما أعطاه؛ لأن المقصود العتق، ولم يحصل، وحكى المسعودي [في " الإبانة " ق\ ٤٥٧] في ذلك قولين:
أحدهما: له أن يسترجع منه؛ لما ذكرناه.
والثاني: ليس له أن يسترجع منه؛ لأنه قد كان مستحقا له حين الأخذ.
وإن قبض السيد منه ذلك، ثم أعتقه.. فالذي يقتضيه المذهب: أنه لا يسترد من السيد؛ لاحتمال أنه قد كان أعتقه للذي قد قبضه منه، وإن عجزه المولى.. ففيه وجهان: