وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» .
وإذا أراد الرجل أن يتصدق بجميع ماله، إذا كان لا عيال له، ولا دين عليه، فإن كان قوي الإيمان، حسن المعرفة بالله والظن، بحيث إذا فعل ذلك، وأصابته شدة حاجة، صبر عليها.. استحب له ذلك، لما روي «عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه قال: حث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الصدقة، فقلت في نفسي: لأسبقن أبا بكر غدا إن سبقته يوما، فلما جاء الغد.. جئت بنصف مالي، فوجدت أبا بكر قد سبقني، وقد حمل جميع ماله، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ما الذي خلفت لعيالك؟ "، فقال الله ورسوله، فقال لي " ما الذي خلفت لعيالك؟ "، فقلت: شطر مالي، فقلت في نفسي: لا أسبقك في شيء أبدًا، وروي: والله، لا سابقت أبا بكر أبدًا» .
وإنما قبل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أبي بكر جميع ماله؛ لقوة إيمانه وحسن ظنه بالله تعالى.
وإن كان الرجل ممن لا يصبر على الحاجة.. كره له ذلك؛ لما روي:«أن رجلا أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمثل البيضة من الذهب، وقال: خذها يا رسول الله صدقة، فوالله ما أصبحت أملك مالًا غيرها، فأخذها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورمى بها إليه، حتى لو أصابته لأوجعته أو لعقرته، وقال: " يأتي أحدكم، فيتصدق بجميع ماله، ثم يجلس يستكف الناس! خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» .