وقال أبو يوسف: إنما نهى عن ذلك؛ لأنه يضعفه عن العبادة، ويشبه التبتل الذي نهي عنه؛ لما روي:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل عمن صام الدهر؟ فقال: "لا صام ولا أفطر» .
دليلنا: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«من صام الدهر.. فقد وهب نفسه من الله تعالى» .
وأما قوله:«لا صام ولا أفطر» : فيحتمل أنه أراد: إذا لم يفطر في أيام النهي، ويحتمل أن يكون: لأن صائم الدهر يعتاد ذلك، فلا تلحقه المشقة بالصيام، فيكون الصوم والفطر عنده سواء.
وإن خاف ضررا يلحقه، أو ضياع حق عليه.. كره له ذلك؛ لما روي: «أن سلمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جاء يزور أبا الدرداء، فوجد امرأته متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟