وأما الخبر الأول: فغير صحيح؛ لأنه رواية الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف مدلس، وإن صح ... فيحمل على: أن الرجل سأله عن وجوب العمرة في حق نفسه، فعلم النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاله، وأنها لا تجب عليه، بدليل أنه قال له:«وأن تعتمر خير لك» ، ولو كان السؤال على العموم.. لقال: وأن تعتمروا خير لكم.
وأما الخبر الثاني: فلا حجة في ظاهره؛ لأنه يقتضي: أن العمرة قد كانت واجبة، ودخل وجوبها في وجوب الحج، وهذا لا يقوله أحد، وإذا كان ذلك كذلك.. كان له تأويلان:
أحدهما: أن وقت العمرة دخل في وقت الحج إلى يوم القيامة؛ لأن العرب كانت لا ترى العمرة في أشهر الحج، فأمرهم النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ أن يعتمروا في أشهر الحج، وقال:«دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» .
والثاني: أنه أراد أن أفعال العمرة دخلت في أفعال الحج، إذا جمع بينهما القران.
وأما طواف القدوم: فليس من الأفعال الراتبة في الحج، وإنما هو لتعظيم البيت، فلم يجب كتحية المسجد.
إذا ثبت هذا: فإن الحج والعمرة لا يجبان - بالشرع - في العمر إلا مرة واحدة.