أمي أسلمت، ولا تكاد أن تثبت على مركب، وإن ربطتها خفت أن تموت، أفأحج عنها؟ فقال ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ: حج عن أمك» ، وهذا صيغته صيغة الأمر، والأمر إذا تجرد عن القرائن.. اقتضى الوجوب، فدل على: أنه وجب الحج على المحجوج عنه بوجود من يطيعه، ولهذا أمر المطيع بالحج، ولأنه يمكنه أن يحصل الحج عن نفسه، فلزمه الحج، كما لو قدر على المال.
إذا ثبت ما ذكرناه: فإنما نريد بقولنا: (يجب على المعضوب الحج ببذل الطاعة) : وهو أن يكون للمعضوب من يطيعه، ويثق بطاعته إذا أمره بذلك.. فيجب على المعضوب الحج بذلك، سواء بذل له المطيع أو لم يبذل له.
وقولنا:(بذل له الطاعة) توسع في الكلام ومجاز فيه؛ لأن الشافعي قال:(متى قدر على من يطيعه في الحج عنه.. لزمه الفرض) .
ولا يجب عليه الحج، إلا أن يكون في المطاع ثلاثة شرائط، وفي المطيع ثلاثة شرائط.