للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدنة» فلما كان سنة عشر، حج من المدينة، وحج معه مياسير الصحابة، فدل على: أن الحج على التراخي.

وأما الخبر الذي احتجوا به: فلا يدل على أن الحج على الفور؛ لأن من وجد الزاد والراحلة فلم يحج حتى مات.. فهو متوعد، ونحن نقول: إنه يأثم.

ولأن التعلق بظاهر الخبر لا يمكن؛ لأنه يقتضي: أن من وجب عليه الحج، وأمكنه الحج، فلم يفعل حتى مات.. إن موته كموت اليهودي والنصراني، ولا يقول بهذا أحد؛ لأن الإنسان لا يكفر بترك الحج، فعلم: أن المراد بالخبر إذا تركه ولم يعتقد وجوبه.. فإنه يموت إن شاء يهوديا أو نصرانيا.

إذا ثبت ما ذكرناه: ووجب عليه الحج، فلم يحج حتى مات.. فهل يأثم بذلك؟

فيه ثلاثة أوجه:

أحدها ـ حكاه القفال ـ: أنه لا يأثم بذلك؟ لأنا جاوزنا التأخير، فلم يفعل شيئا محظورا.

والثاني ـ حكاه ابن الصباغ: إن خاف الكبر والفقر والضعف، فلم يحج حتى مات.. أثم بذلك. وإن اخترمته المنية قبل خوف الفوات.. لم يأثم؛ لأنه لا يمتنع أن يعلق الحكم على غلبة ظنه، كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] [البقرة: ١٨٠] . وأراد: إذا غلب على ظنه.

والثالث ـ وهو المشهور، ولم يذكر الشيخ أبو حامد غيره ـ: أنه يأثم؛ لأنه إنما جاوزنا له التأخير بشرط السلامة، كما جوز للمعلم ضرب الصبي، وللزوج ضرب زوجته بشرط السلامة، فأما إذا أفضى ضربهما إلى التلف.. وجب عليهما الضمان، فكذلك هذا مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>