- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زوج النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ وهي معه في الليل والنهار، فهي أعرف بأموره، وابن عمر كان بالقرب منه، وتحت ناقته، وجابر بن عبد الله اهتم بنقل المناسك أكثر مما اهتم بها سواهُ، ولهذا وصف: أن إحرام النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ كان موقوفا، وأنه انتظر القضاء، وأنس كان صغيرا، كما قال ابن عمر.
والجواب الثاني: أن نتأولها، فنقول: خبر أنس: أنه سمعه يقول: «لبيك بحجة وعمرة» أي: لبيك بحجة حين كان محرما بالحج، ولبيك بعمرة حين كان محرما بعمرة، فجمع بينهما في الرواية، وهذا كما روي:«أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ نهى عن استقبال القبلتين» يعني: الكعبة وبيت المقدس، وأراد: أن ذلك كان في وقتين.
وأما حديث علي وابن عباس:«أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ تمتع بالحج» .. فنحمله على أنه تمتع بالطيب واللباس والحلاق والنساء بعد الفراغ من الحج وقبل العمرة؛ لأنه يسمى تمتعا.
وأما حديث حفصة: فليس على ظاهره؛ لأن أصحاب النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ لم يكونوا محرمين بالعمرة، وإنما كانوا محرمين بالحج، فكانوا يكرهون الاعتمار في أشهر الحج، فلما قدم النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ مكة.. أمر من لم يسق الهدي أن يفسخ إحرام الحج، ويتحلل منه بعمل عمرة، فقولها:«حلوا من عمرتهم» تريد: أنهم حلوا من حجتهم بعمل عمرة، وقولها:«وأنت لم تحل من عمرتك» أي: وأنت لم تحل من إحرامك بعمل عمرة. فقال:«لأني لبدت رأسي، وسقت الهدي، وإنما أمرت بفسخ الحج من لم يسق الهدي» ، ولهذا قال:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت.. لما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة» ؛ لأن لا أكون في نسك، وهم في نسك غيره؛ لأن التمتع أفضل، ولأن الإفراد مجمع على إباحته، والتمتع والقران مختلف في إباحتهما.
فروي عن عمر وعثمان:(أنهما كرها التمتع) ، وكره سلمان بن ربيعة،