والثاني - وهو قول القفال، واختيار المسعودي [في " الإبانة ": ق \ ٢]-: أنه لا تمنع الطهارة بالماء، سواء كان الملح انعقد من الماء، أو كان جبليا؛ لأن كل ملح أصله الماء.
والثالث - يحكى عن ابن القاص -: أن كل واحد من المحلين يمنع؛ لأنه قد خرج عن صفة الماء، فهو كالطحلب. والأول هو المشهور.
وإن طرح التراب في الماء، فغير صفته.. فالبغداديون من أصحابنا قالوا: تجوز الطهارة به؛ لأنه يوافق الماء في التطهير، فهو كما لو صب ماء ملح على ماء عذب، فتغير به.
وأما الخراسانيون فقالوا: إن قلنا: إن الماء إذا جرى عليه فتغير به، أن العلة فيه: أنه يوافق الماء في التطهير.. لم تمنع الطهارة بالماء هاهنا.
وإن قلنا: إن العلة هناك: أنه لا يمكن صون الماء عنه.. منع الطهارة به.
وإن أخذ الطحلب، أو ورق الشجر، ودق وطرح في الماء، فغيره.. فهل تصح الطهارة به؟ فيه وجهان، حكاهما أبو علي في " الإفصاح "، والشيخ أبو حامد:
أحدهما: تصح الطهارة به، كما لو تغير بالطحلب الذي نبت فيه.
والثاني: لا تصح الطهارة به، وهو المشهور؛ لأنه زال عن أصله بصنعة آدمي، بخلاف النابتة فيه، فإنه لا يمكن صون الماء عنه.