قلت: ويحتمل على هذا القول، أن يقال: لا يجب عليه التفريق إلا بثلاثة أيام ومدة سيره إلى وطنه؛ لأنه كان يمكنه في الأداء أن يجعل آخر الثلاثة يوم عرفة، ثم يقف بمنى يوم النحر واليومين الأولين من أيام التشريق، ثم ينفر في النفر الأول، وهو بعد الزوال في اليوم الثاني من أيام التشريق، ويروح إلى مكة ويودع، ثم يبتدئ بالسير إلى بلده آخر الثاني من أيام التشريق.
إذا ثبت هذا: فذكر الشافعي في " الإملاء ": (أن أقل ما يفرق بينهما بيوم) ، واختلف أصحابنا: من أي معنى أخذه الشافعي؟
فقال أبو إسحاق: إنما قال الشافعي هذا، إذا قلنا: يجوز صوم أيام التشريق عن الثلاث.. جاز أن يصام فيها كل صوم له سبب؛ لأنه كان يمكنه أن يفرغ من الثلاثة يوم عرفة، ثم يفطر يوم النحر، ثم يصوم أيام التشريق عن السبع.
ومنهم من قال: لم يأخذه الشافعي من هذا؛ لأن صوم السبع لا يصح في أيام التشريق؛ لأنا إن قلنا: إن الرجوع هو الفراغ من أفعال الحج.. فلا يمكنه أن يفرغ من أفعاله أول يوم من أيام التشريق، فيكون التفريق بيوم. وإن قلنا: الرجوع هو الرجوع إلى وطنه.. لم يمكنه ذلك إلى أول يوم من أيام التشريق. وإنما قال الشافعي:(يفرق بينهما بيوم) ؛ لأن الله - تعالى - أمر بالتفريق بينهما، وأقله يوم، لا كما ذكره أبو إسحاق.
فإن صام العشر متتابعة.. أجزأته الثلاثة الأولى. فإن قلنا: يجب التفريق