بطواف القدوم.. استقر عليه الدم، ولم يسقط عنه. وإن عاد قبل أن يتلبس بشيء من أفعال النسك.. فهل يسقط عنه الدم؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها ـ حكاه ابن الصباغ، والشيخ أبو حامد ـ: أنه لا يسقط عنه الدم ـ وهو قول مالك، وأحمد، وزفر ـ لأنه أحرم دون الميقات، فلم يسقط عنه الدم بالرجوع إليه، كما لو رجع بعدما تلبس بنسك.
والثاني ـ حكاه في " الإبانة "[ق\١٧٩]-: إن عاد قبل أن يبلغ مسافة القصر من الميقات.. فلا دم عليه؛ لأنه قريب، وإن عاد بعدما بلغ مسافة القصر من الميقات.. لم يسقط عنه الدم؛ لأنه بعيد.
والثالث. وهو المشهور.: أنه لا دم عليه؛ لأنه حصل في الميقات محرما، فلم يجب عليه الدم، كما لو أحرم منه.
وهل يكون مسيئا بالمجاوزة، إذا عاد إلى الميقات؟ فيه وجهان، حكاهما في " الفروع ":
الظاهر: أنه لا يكون مسيئا؛ لأنه قد حصل فيه محرما.
والثاني: يصير مسيئا؛ لأن الإساءة قد حصلت بنفس المجاوزة، فلا تسقط عنه بالعود.
وقال أبو حنيفة:(إن عاد إلى الميقات ملبيا.. سقط عنه الدم، وإن لم يلب.. لم يسقط عنه الدم) .
وقال عطاء، والحسن، والنخعي: لا شيء على من ترك الإحرام من الميقات.
وقال ابن الزبير:(يقضي حجه، ثم يعود إلى الميقات، فيهل منه بعمرة) .