وأما الحشيش ـ غير الإذخر في الحرم - فالمشهور من المذهب ": أنه لا يجوز قطع شيء منه.
وحكى أبو علي السنجي في " شرح التلخيص " عن بعض أصحابنا: أنه يجوز له أن يأخذ العلف بيده، كورق الشجر.
وحكى في " الفروع ": إنه يجوز أخذ اليسير منه.
والأول أصح؛ لقوله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ:«لا يختلى خلاها» ولم يفرق.
وأما الإذخر: فيجوز أخذه؛ «لأن العباس قال للنبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ: إلا الإذخر لبيوتنا وقبورنا وصياغتنا؟ فقال النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ: " إلا الإذخر» . فإن جز الحشيش.. نظرت: فإن استخلف مكانه مثله.. سقط عنه الضمان قولا واحدا؛ لأنه يستخلف في العادة، فهو كما لو قلع سن صغير لم يثغر فنبت مكانها مثلها. وإن لم يستخلف ولم يضر أصله.. كان عليه ما نقص من قيمته، وإن جف أصله.. كان عليه قيمته؛ لأنه تلف بسبب منه. ويجوز رعي الدواب فيه.
وقال أبو حنيفة:(لا يجوز) .
دليلنا: ما روي عن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ: أنه قال: «ولا يختلى خلاها، إلا رعي الدواب فيه» وروي: «أن ابن عمر رعى حماره في الحرم، فرآه النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ ولم ينهه عن ذلك» فدل على جوازه. وأيضا: فإن الناس كانوا من لدن رسول الله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ إلى وقتنا