وأما قدر الإجزاء: فإذا حصل بعرفة ـ من حين الزوال إلى طلوع الفجر الثاني من يوم النحر ـ لحظة: إما قاعدا أو قائما أو راكبا أو سائرا.. فإنه يجزئه؛ لحديث الحارث بن مضرس.
قال الشيخ أبو حامد: وليس مسيره فيها بأكثر من مشي المعتكف في المسجد.
ولو اعتكف الرجل في المسجد فلم يجلس، بل لا يزال يمشي في المسجد من أحد طرفيه إلى الآخر.. أجزأه؛ لأن (الاعتكاف) : هو اللبث في المسجد، وقد وجد منه ذلك، فكذلك هذا مثله.
وإن وقف بعرفة وهو نائم.. أجزأه؛ لأنه كالمستيقظ في الحكم.
وحكى ابن القطان في النائم وجها آخر: أنه لا يصح، وليس بشيء.
وإن وقف وهو مغمى عليه أو مجنون.. فالمشهور: أنه لا يجزئه؛ لأنه لو أغمي عليه أو جن جميع نهار يوم من رمضان.. لم يصح صومه، ولو نام جميع نهار رمضان.. صح صومه.
وحكى ابن القطان وجها آخر: أنه يصح، وليس بشيء.
فإن وقف بعرفة سكران من غير معصية.. فهو كالمغمى عليه، وإن كان سكران بمعصية.. ففيه وجهان، حكاهما الصيمري:
أحدهما: لا يجزئه؛ تغليظا عليه.
والثاني: يجزئه: لأنه في حكم الصاحي.
وإن وقف بعرفة وهو لا يعلم أنها عرفة.. فالمشهور: أنه يصح؛ لحديث الحارث بن مضرس؛ لأنه قال: لم أدع حبلا إلا وقد وقفت عليه ـ فلو كان يعلم عرفة.. لم يحتج إلى الوقوف بغيرها ـ فقال له النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ: «من صلى صلاتنا هذه،