ولأنه تحلل من نسكه قبل تمامه، فلزمه الهدي، كما لو تحلل بعد الفوات.
فإن كان واجدا للهدي فعليه أن يخرجه، فإن كان في الحرم نحر هديه فيه وتحلل. وإن كان في الحل، فإن كان لا يمكنه إيصال الهدي إلى الحرم جاز أن يذبح هديه حيث أحصر، وإن كان يمكنه إيصاله إلى الحرم ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز له ذبحه إلا في الحرم؛ لأنه يقدر على إيصاله إلى الحرم، فلزمه نحره فيه، كما لو أحصر فيه.
والثاني: أنه بالخيار: بين أن يبعث به إلى الحرم، وبين أن يذبحه حيث أحصر؛ لأنه موضع تحلله، فهو كما لو لم يكن قادرا على إيصاله. هذا مذهبنا.
وقال أبو حنيفة:(لا يجوز للمحصر أن ينحر في الحل بحال، بل يلزمه إنفاذ الهدي إلى الحرم، فإذا وصل ونحر حينئذ يتحلل في الحل، فإن تحلل قبل نحر الهدي في الحرم لم يعتد به، وكان عليه الفدية) .
دليلنا: ما روى ابن عمر قال: «خرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه وهم محرمون بالعمرة، فلما بلغ الحديبية صده المشركون ومنعوه، فلما قاضى سهيل بن عمرو أمر أصحابه فنحروا وتحللوا» والحديبية حل، بدليل ما روي عن مجاهد: أنه قال: «نحر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هداياه تحت الشجرة» وهو: الموضع الذي بني مكانها المسجد، وهي الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان، وفيها نزل قَوْله تَعَالَى:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[الفتح: ١٨][الفتح: ١٨] .