أحدهما: لا بدل له - وبه قال أبو حنيفة - فيكون الهدي في ذمته إلى أن يجده؛ لأن الله تعالى قال: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] [البقرة: ١٩٦] .
ولم يذكر بدله، ولو كان له بدل عند عدمه لذكره، كما ذكر في هدي المتمتع.
والثاني: له بدل - وبه قال أحمد - وهو الصحيح: لأنه هدي يتعلق بالإحرام، فكان له بدل عند عدمه، كهدي التمتع والطيب واللباس وجزاء الصيد، وعدم ذكر بدله لا يمنع قياسه على غيره.
فإذا قلنا: لا بدل له فهل له أن يتحلل قبل وجود الهدي؟ فيه قولان:
أحدهما: (لا يجوز له أن يتحلل) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] . [البقرة: ١٩٦] . ولم يفرق بين الواجد والعادم.
والثاني: (له أن يتحلل) ؛ لأن المحصر إنما جعل له التحلل ليتخلص من مشقة الإحرام. فلو قلنا: لا يتحلل حتى يجد الهدي لأدى ذلك إلى المشقة العظيمة؛ لأنه ربما تعذر عليه الهدي زمانا طويلا.
وإذا قلنا: إن لهدي المحصر بدلا، فما البدل فيه؟ فلذلك ثلاثة أقوال:
أحدها: بدله الصيام - وبه قال أحمد - لأنه هدي للتحلل من الإحرام، فكان بدله الصوم، كهدي المتمتع.
والثاني: بدله الإطعام؛ لأن الإطعام قيمة للهدي، فإذا عدم الهدي ولم ينص على بدله كان الانتقال إلى قيمته أولى من الانتقال إلى الصوم.
والثالث: قال الشيخ أبو حامد - وهو من تخريج أصحابنا -: أنه مخير بين الصيام والإطعام؛ لأنه يتحلل ليترفه بقطع الشعر ولبس الثياب والطيب، فكانت كفارته على التخيير عند عدم الهدي، كفدية الأذى.
فإذا قلنا: إن بدله الصيام ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: صوم التمتع، وهو عشرة أيام، وبه قال أحمد، وقد مضى دليله.
والثاني: صوم التعديل؛ لأنه اعتبار للهدي بأصله، وهو الإطعام، ثم يصوم عن