ولم يفرق بين أن يشترط أو لا يشترط إلا فيما خصه الدليل. ولأن كل عبادة جاز الخروج منها بالشرط جاز الخروج منها بغير الشرط، كالصوم لما جاز له أن يخرج منه إذا شرط الخروج بالمرض في البلد جاز أن يخرج منه إذا مرض وإن لم يشرط. والصلاة لما لم يجز أن يخرج منها بغير شرط لم يجز أن يخرج منها بالشرط. وكذلك الإحرام قد ثبت أنه: لا يجوز الخروج منه بعذر بغير شرط، فكذلك لا يجوز الخروج منه بشرط.
والقول الثاني: أنه يجوز هذا الشرط ويتعلق به الحكم - وهو الصحيح - لما روي:«أن ضباعة بنت الزبير قالت: يا رسول الله إني أريد الحج وإني شاكية، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أحرمي واشترطي أن محلي حيث حبستني» . ولأن الإحرام يجب به النسك كما يجب بالنذر، ثم إذا شرط في النذر أن يصوم إن كان صحيحا حاضرا صح شرطه، فكذلك إذا شرطه في الإحرام.
ومنهم من قال: يصح هذا الشرط ويتعلق به الحكم قولا واحدا؛ لأن الشافعي إنما علق القول في الجديد على صحة حديث ضباعة وقد صح.
إذا ثبت هذا: قال ابن الصباغ: فإن شرط أن يتحلل بالهدي تحلل به، وإن شرط أنه يتحلل من غير هدي تحلل بغير هدي، وإن شرط أنه إذا مرض صار حلالا، فمرض فالمنصوص:(أنه يصير حلالا) ؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من كسر أو عرج فقد حل، وعليه حجة أخرى» ولا يمكن حمل الخبر إلا على هذا. ولأن